دور العوامل الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض

دور العوامل الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض

تعد الحوادث المرورية أحد ابرز المشكلات التي تواجهها الدول في وقتنا الحاضر، خاصة الدول النامية التي تشهد تطوراً سريعاً وطفرة مادية كبيرة، مثل المملكة العربية السعودية والتي عرف فيها هذا المجال تطور كبير من خلال توفير منصة رقمية لـ استعلام عن المخالفات المرورية، ومشكلة الحوادث المرورية في تزايد مستمر، مما ينتج عنها خسائر بشرية ومادية كبيرة تفوق نسبتها تلك التي تسببها الحروب والصراعات، كما لا يخفى علينا الآثار الاجتماعية التي تترتب على هذه الحوادث من تفكك، وفقر، وإعاقات، تفرض أعباء على الجهات ذات العلاقة.

وقد ارتفعت نسبة الحوادث في المملكة بشكل ملحوظ نتيجة عوامل كثيرة متشابكة، منها تدنى مستوى الوعي، وتدنى مستوى الضبط المروري، واعتماد السيارة وسيلة النقل الوحيدة، في ظل غياب وسائل النقل الأخرى، كذلك ازدحام المدن نتيجة الهجرة من الريف إلى المدينة، وغيرها من العوامل التي عقدت لأجلها الندوات والمؤتمرات من قبل الباحثين والمتخصصين،  للحد من هذه الحوادث حتى تظل في إطار النسب المقبولة عالمياً.

مشكلة الدراسة:

تعتبر الحوادث المرورية التي تشهدها بلادنا من المشكلات الخطيرة التي تتفاقم يوما بعد يوم، وتخلف آثاراً اجتماعية واقتصادية خطيرة، ولعلنا حين نتتبع الزيادة المطردة لعدد السيارات في المملكة نلاحظ الزيادة الكبيرة في فترة زمنية قصيرة نسبياً، حيث تشير آخر إحصائية لهيئة تطوير مدينة الرياض إلى أن عدد السيارات الخاصة في العاصمة بلغ أكثر من مليون سيارة وهذا الرقم لا يشمل السيارات الحكومية وسيارات المجمعات السكنية، هذه الزيادة الكبيرة في عدد السيارات والتي نتجت عن زيادة دخل أفراد المجتمع السعودي، إضافة إلى ترامي أطراف الدولة، وغياب الوسيلة البديلة للنقل، هذه الأمور ساهمت بشكل ملحوظ في زيادة وقوع الحوادث المرورية.

وبإلقاء نظرة على الإحصاءات المرورية لحوادث المرور يتبين الزيادة غير المبررة في عدد الحوادث والوفيات والإصابات، فقد حصدت حوادث المرور في المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية ما يزيد عن (75) ألف وإصابة (650) ألف شخص آخرين، كل ذلك نتيجة وقوع حوالي مليون حادث مروري، اشترك فيه ما يزيد عن مليوني سيارة وسائق في المملكة العربية السعودية، كما تفيد الإحصائيات أن عدد القتلى في عام 2007 بلغ (6300) شخص، علما بأن هذه الأرقام تمثل أعداد القتلى حين وقوع الحادث ، بينما تقدر الجهات الطبية أن أعداد القتلى أكثر من ذلك بكثير، نظراً لوفاة العديد من المصابين متأثرين بإصاباتهم. كما توضح المعلومات الإحصائية أن أعداد المخالفات المرورية في تزايد مستمر، و لقد تجاوزت( ٧,٩) مليون مخالفة عام 2006 مقارنة بمليون مخالفة عام 1992، وبمقارنة الأرقام الإحصائية يتبين الزيادة في عدد الحوادث سنويا، فقد أرتفع عدد الحوادث من 100,000حادث عام 1992 إلى أكثر من 4,85931 حادث عام 2008 ( اللجنة الوطنية للسلامة المرورية،2008).

وقد كشفت الدراسة التي أجراها النافع والسيف (1988) عن وجود نمط لسلوك قيادة السيارات في المملكة يتسم بالميل إلى المخاطرة، وعدم إتباع قواعد السلامة والأمان، وعدم مراعاة النظم وآداب المرور، وهذا قد يفسر النسبة العالية لمعدلات الحوادث والمخالفات المرورية التي تقع على شوارع وطرقات المملكة، والاحتمال الذي كشفت عنه الدراسة أن كثيرا من السائقين يتعرضون لحادث أو أكثر، وذلك خلال فترة قيادتهم وأن 10٪ يتعرضون للإصابة نتيجة تلك الحوادث، كما أن 43٪ يقومون بارتكاب مخالفات مرورية،  وأن 66٪ يقودون سيارتهم بسرعة زائدة عن الحد الأعلى (النافع والسيف،1988).

وحيث إن هناك عوامل كثيرة ومتداخلة وراء تفاقم المشكلات المرورية، وخاصة الحوادث المرورية، إلا أن الجانب الاجتماعي هو العامل الأهم، حيث تشير الإحصاءات المرورية إلى أن السرعة تشكل أكثر من 80٪ من أسباب الحوادث، والسرعة ماهي إلا نتاج قيم وعوامل اجتماعية يجب تصحيحها.

وانطلاقا مما سبق تهدف الدراسة الحالية إلى الإجابة عن تساؤل الدراسة الرئيس وهو ما دور العوامل الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض والذي تتفرع منه الأسئلة التالية:

  1. ما دور المهنة في الحوادث المرورية في منطقة الرياض؟
  2. ما دور الحالة الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  3. ما دور الحالة الاقتصادية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  4. ما دور المستوى التعليمي في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  5. ما دور الجنسية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  6. ما دور الاعتماد على الواسطة في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  7. ما دور إدارة الوقت في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  8. ما هي خصائص السائقين المشتركين في الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  9. ما سمات القيادة عند مرتكبي الحوادث المرورية في منطقة الرياض ؟
  10.       هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في آراء المبحوثين حول محاور الدراسة وفقاً لمتغيراتهم الشخصية والوظيفية؟

أهداف الدراسة:

أهداف هذه الدراسة تتمثل في التالي:

  1. التعرف على دور العوامل الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض. ويتفرع منه الأهداف الفرعية التالية:

أ.الكشف عن دور المهنة في لحوادث المرورية في منطقة الرياض.

ب.الكشف عن دور الحالة الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

ت.الكشف عن دور الحالة الاقتصادية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

ث.الكشف عن دور المستوى التعليمي في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

ج.الكشف عن دور الجنسية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

ح.الكشف عن دور الواسطة في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

خ.الكشف عن دور إدارة الوقت في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

  1. الكشف عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية للمصابين في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.
  2. الكشف عن سمات القيادة عند مرتكبي الحوادث المرورية في منطقة الرياض.
  3. التعرف على ما إذا كانت هناك فروق ذات دلالة إحصائية في آراء المبحوثين حول محاور الدراسة، وذلك وفقاً لمتغيراتهم الشخصية والوظيفية.

أهمية الدراسة:

تأتي أهمية هذا الدراسة في كونها تتناول واحدة من أهم وأعقد الظواهر السلبية في مجتمعنا ألا وهي الحوادث المرورية الآخذة في التزايد بشكل يؤثر على الفرد والمجتمع بسبب ما تحدثه من خسائر بشرية ومادية وآثار نفسية واجتماعية. وتنبع أهميتها من كونها تركز على الجانب الاجتماعي ودوره في الحوادث المرورية حيث إن كثيراً من الدراسات والمعالجات التي أجريت في هذا الجانب بنيت على أساس مروري، بينما تحاول هذه الدراسة الكشف عن الجانب الاجتماعي ودوره في زيادة الحوادث المرورية، ومن ثم فإن هذه الدراسة سوف تكون إضافة للدراسات السابقة التي أجريت حول هذه الظاهرة.

طالع ايضا: رقم الاستعلام عن المخالفات المرورية في السعودية

كما أن لهذه الدراسة أهمية عملية تتمثل في أن نتائج هذه الدراسة سوف تساعد المسئولين عن إدارات المرور والجهات ذات العلاقة بها على رسم الخطط والبرامج للوقاية والحد من الحوادث المرورية. كما أنها تساهم في لفت الأنظار لخطورة هذه الظاهرة على المجتمع من أجل تضافر الجهود للتقليل من أخطارها.

حدود الدراسة:

الحدود الموضوعية: اقتصرت هذه الدراسة على دراسة موضوع دور العوامل الاجتماعية في الحوادث المرورية في منطقة الرياض.

الحدود الزمنية: تم تطبيق هذه الدراسة في الفترة من 30/3/1432هـ إلى 30/5/1432هـ وهي الفترة التي استغرقتها توزيع استبانة الدراسة.

الحدود المكانية: تم إجراء هذه الدراسة على عينة من مصابي الحوادث المرورية بلغ عددها (100) مفردة موزعة على (16) مستشفى حكومي في منطقة الرياض، كما هي موضحة في عينة الدراسة.

مفاهيم الدراسة:

  1.  الحوادث المرورية:

يرى السيف أن الحوادث المرورية هي “جميع الحوادث التي ينتج عنها إزهاق للأرواح أو إصابات في الأجسام أو خسائر في الأموال أو جميع ذلك من جراء استعمال المركبة”(السيف،1999 :133 ).

كما عرف عبدالرحمن الحادث المروري بأنه “كل ما يحدث للمركبة أو يحدث منها أثناء سيرها مما ينتج عنه إزهاق في الأرواح أو إصابات في الأجسام أو خسائر في الممتلكات ويستثنى من ذلك الحوادث المتعمدة حيث تعد من الجرائم وكذلك ما يحدث للسيارة أو منها أثناء وقوفها في الأماكن المخصصة لوقوفها”(عبدالرحمن،1982 :21)

أما المقصود بالحادث المروري في هذه الدراسة فهو ما ينتج عن المركبة من أضرار سواء كانت وفاة، أو إصابة، أو خسائر مادية، نتيجة اصطدامها بأخرى، أو بجسم ثابت، أو انقلابها.

  1.  العوامل الاجتماعية:

يرى “بارسونز”أن العوامل الاجتماعية هي “مجموعة العوامل التي تتصل ببناء المجتمع، والتي من شأنها أن تتفاعل مع بعضها البعض، لتحدث ظاهرة معينة من الظواهر التي تنتشر في المجتمع، ويحاول “تالكوت بارسونز”تحديد هذه العوامل بأنها العوامل التي تنطلق من نسق الثقافة والقيم، أو التي تتصل بالنسق الاجتماعي، أو تلك التي تعكس نسق الشخصية” (الكليبي،1996 :19).

إن الظواهر الاجتماعية ترجع بشكل عام إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية، كما يرى غيث فإن المشكلات المرورية لا تخرج عن هذا الإطار فهي ترجع كذلك إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية (غيث، 1983م:11).

وهذا ما ذهب إليه (لميرت) (C.Lemert) حيث يقول “إن العوامل المهمة أي المباشرة في السلوك الاجتماعي عوامل اجتماعية نفسية في طبيعتها. ولذلك فإن التفسير ينتهي إلى إبراز عناصر مثل البناء الاجتماعي والجماعة والمركز والدور والتفاعل الهادف. أما إذا استخدمنا في التفسير عوامل مثل الحجم الطبيعي أو القوة العدوانية أو السن أو الجنس فإنما نستخدمها لنشرح التغيير في العوامل الثقافية والاجتماعية التي ثبت أنها التفاعلات الرئيسة في السلوك الإنساني”(العتيبي، 1998م).

وعليه فإن العوامل الاجتماعية المقصودة في هذه الدراسة هي تلك العوامل التي تؤثر في قائدي المركبات، وقد تكون مجتمعة أو منفردة أحد المتغيرات المؤثرة في سلوك قائدي المركبات وما ينتج عنه من حوادث مرورية، وهي تتمثل في المتغيرات التالية:

المهنة، الوضع الأسري، الحالة الاقتصادية، المستوى التعليمي، الجنسية، الواسطة، إدارة الوقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *