التفكير الناقد وتفعيله المدرسي

إن التفكير الناقد ليس موجودا بالفطرة عند الإنسان، فمهارته متعلمة وتحتاج إلى مران وتدريب، والتفكير لا يرتبط بمرحلة عمرية معينة، فكل فرد قادر على القيام به وفق مستوى قدراته العقلية والحسية والتصورية والمجردة.

ويعد التفكير الناقد المفتاح لحل المشكلات اليومية التي تواجهنا كمعلمين، فإذا لم نستخدم التفكير الناقد نصبح جزءا من المشكلة.

وعادة ما يتعرض المعلمون لمواقف يضطرون فيها لصنع القرارات الحاسمة، والتكيف مع هذه المواقف الجديدة وتحديث المعلومات بشكل مستمر، هو المبرر للتفكير الناقد. كما يعد التفكير الناقد من أكثر أشكال التفكير المركب استحواذا على اهتمام الباحثين والمفكرين التربويين .

  • تعريف التفكير الناقد

لقد اختلف مفهومه باختلاف نوع التخصص وأسلوب الدراسة، فنجد علماء النفس يركزون في دراستهم له على كونه عملية عقلية، في حين انصب اهتمام التربويين على انه مجموعة مهارات يمكن تنميتها لدى الطلاب من خلال الممارسة والتدريب، ونتيجة لذلك الاختلاف فقد تعددت تعريفات هذا المفهوم، وفيما يلي أمثلة لهذه التعريفات:

  • تفكير تأملي عقلاني يركز على اتخاذ القرارات بشأن ما يجب الاعتقاد به أو عمله.
  • عملية عقلانية نشطة تشمل التطبيق والتحليل والبناء وتقييم المعلومات التي تتجمع أو تولد من الملاحظة والخبرة والاتصال، والتي تعبر المرشد للاعتقاد والعمل.
  • عملية عقلية ومهارة تفكير عليا تتضمن التحليل والبناء وحل المشكلات والتقييم.
  • عملية إصدار قرارات وأحكام من قبل الطلبة عن طريق التمييز بين الحقائق والآراء وفحص الفرضيات عن طريق الأدلة والبراهين بطريقة منطقية واضحة فالتفكير الناقد في أبسط معانيه هو القدرة على تقدير الحقيقة ومن ثم الوصول إلى القرارات في ضوء تقييم المعلومات وفحص الآراء المتاحة والأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر المختلفة، وينطوي على مجموعة من مهارات التفكير التي يمكن تعلمها والتدريب عليها وإجادتها. للمزيدمن الاثراء يمكن تحميل : رسائل ماجستير عن التفكير الناقد pdf متاحة في موقع طاسيلي العربي.
  • مكونات التفكير الناقد

من المتفق عليه بين علماء النفس والتربويين أن التفكير الناقد يشمل قدرات فرعية تكون في مجملها هذا المفهوم ولكنهم اختلفوا حول عددها وكيفية تعريفها.

حيث يذكر بول: ثلاثة مكونات للتفكير الناقد:-

  1. مهارات جزئية صغرى Micro skills: مثل التعرف على جملة غامضة أو افتراض مشكوك فيه أو تناقض أو عدم اتساق أو استنتاج أو مضمون.
  2. قدرات كبرى Macro abilities: مثل القدرة على القراءة والكتابة النقدية والمناقشة الجدلية وتقويم مصادر المعلومات وصياغة الحجج والبراهين والنظريات.
  3. سمات عقلية mintal Traits: وهي السجايا العقلية والالتزامات الأخلاقية التي تحول التفكير من بناء أناني ضعيف الأفق إلى بناء واسع متفتح الذهن مثل الاستقلالية في التفكير والتمركز حول الجماعة والعدالة الفكرية واستكشاف الأفكار وراء المشاعر والمشاعر وراء الأفكار والتواضع الفكري والشجاعة والمثابرة والنزاهة الفكرية .

طالع ايضا : دراسات سابقة عن التعليم المدمج pdf

أما جروان فقد ذكر المكونات أو القدرات الفرعية الآتية :

  • التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها والادعاءات القيمية.
  • التمييز بين المعلومات والأسباب المرتبطة بالموضوع وغير المرتبطة به.
  • تحديد مستوى دقة الرواية أو العبارة .
  • تحديد مصداقية مصدر المعلومات.
  • التعرف على الغموض في الادعاءات والمعطيات والحجج.
  • التعرف على الافتراضات غير المصرح بها.
  • تحري عدم التحيز .
  • التعرف على المغالطات المنطقية.
  • التعرف على عدم الاتساق في مسار التفكير أو الاستنتاج.
  • تحديد قوة الادعاء أو البرهان.
  • اتخاذ قرار بشأن الموضوع وبناء أرضية سليمة للقيام بإجراء عملي.
  • التنبؤ بمترتبات القرار أو الحل .
  • أهمية التفكير الناقد

يعد من المسائل التربوية التي بدأ التربويون وعلماء النفس يولونها اهتماما كبيرا في العقود الأخيرة، وذلك باعتباره أحد المفاتيح الهامة لضمان التطور المعرفي الفعال الذي يسمح للفرد باستخدام أقصى طاقاته العقلية للتفاعل بشكل ايجابي مع بيئته، ومواجهة ظروف الحياة التي تتشابك فيها المصالح وتزداد المطالب، وتحقيق النجاح والتكيف مع مستجدات هذه الحياة.

كما يعتبر من أهم أنواع التفكير التي تساعد المتعلم في التعرف على الحقائق والمعلومات الصحيحة والمفيدة الناتجة عن التدفق الهائل للمعلومات والتقدم العلمي السريع في جميع مجالات الحياة بحيث يستطيع توظيف هذه المعلومات لتحقيق أهدافه وأهداف مجتمعة، ولذلك فقد أصبح تنمية هذه المهارات أحد الأهداف التربوية الهامة التي تسعى المؤسسات التربوية إلى تحقيقها وقد اهتمت الدول المتقدمة اهتماما كبيرا بمهارات التفكير الناقد وتنميتها لدى طلابها، إيمانا منها بأهميتها نحو الظروف المتغيرة في المجتمعات الحديثة حيث لم تعد العادات المألوفة كافية لمواجهة المواقف الجديدة، فكل موقف جديد ينطوي على مشكلة تتطلب الدراسة والتفكير .

  • مهارات التفكير الناقد

يمثل التفكير مهارة رئيسية من مهارات التفكير المركب، وهو بدوره ينقسم إلى مهارات فرعية، يمكن تحديدها ووضعها في صورة مهام صغيرة، ثم التدريب على إتقانها، ولقد بذلت محاولات عديدة لتحديد المهارات اللازمة للتفكير الناقد، لذا قد يجد الباحث العديد من التصنيفات لمهارات التفكير الناقد، ومن أهمها:

مهارات التفكير الناقد في الآتي:

  1. تحديد مستوى دقة الرواية أو العبارة
  2. تحديد مصداقية مصدر المعلومات
  3. التعرف على المغالطات المنطقية.
  4. التعرف على الافتراضات غير المصرح بها
  5. تحديد التحيز
  6. التعرف على الاستنتاج.
  7. تحديد قوة البرهان أو الادعاء .
  8. التنبؤ بما يترتب على القرار أو الحل.
  9. اتخاذ قرار بشأن الموضوع وبناء أرضية سليمة للقيام بإجراء عملي.
  10. التمييز بين المعلومات والادعاءات التي ترتبط بالموضوع وتلك التي لا ترتبط به ويرى الباحث أن هناك عدم اتفاق بين المربين حول مهارات التفكير وعدم وضع تعريف محدد للتفكير الناقد إلا أنهم اتفقوا على بعض المهارات ومنها الآتي:
    • القدرة على الاستنتاج.
    • القدرة على جمع المعلومات والأدلة والبراهين.
    • القدرة على التفسير.
    • القدرة على إصدار الأحكام.
    • القدرة على الاستدلال.
    • القدرة على الفهم والتحليل والتركيب.
    • القدرة على ربط الأسباب بالنتائج.
    • القدرة على تقويم المناقشات.
    • القدرة على الموضوعية وعدم التحيز .
  • خصائص التفكير الناقد

أورد العلماء والباحثون المهتمون بالموضوع  الكثير من خصائص التفكير الناقد وعلى وجه الخصوص خصائص الأفراد الذين يتمتعون بالقدرة على التفكير الناقد، حيث يتميز الأفراد الذين يتمتعون به بمجموعة من الخصائص وهي :

  • يعرفون متى يحتاجون إلى معلومات أكثر حول موضوع ما .
  • منفتحون على الأفكار الجديدة.
  • لا يجادلون في أمر عندما لا يعرفون شيئا عنه.
  • يفرقون بين نتيجة (ربما تكون صحيحة) ونتيجة (لابد أن تكون صحيحة).
  • يبحثون عن الأسباب والبدائل.
  • القدرة على الاستدلال المنطقي.
  • معرفة العلاقات التي تحاول فهم الموضوعات المستقلة .
  • القدرة على التناسق والحوار والجدل والاستدلال والفحص.
  • القدرة على الخيال والمرونة والأمانة.
  • حب الاستطلاع .
  • تحديد الافتراضات والتعامل مع البدائل للوصول إلى هدف معين والقدرة على الملاحظة المتعمقة.
  • القدرة على النقد بموضوعية.
  • الحساسية تجاه المشكلات .
  • معايير التفكير الناقد

يقصد بهذه المعايير المواصفات المتفق عليها لدى الباحثين في مجال التفكير والتي تتخذ أساسا في الحكم على نوعية التفكير الاستدلالي أو التقييمي الذي يمارسه الفرد في معالجته للمشكلة أو الموضوع المطروح، وهي بمثابة موجهات لكل من المعلم والطالب وينبغي ملاحظتها والالتزام بها في تقييم التفكير الناقد، ومن ابرز هذه المعايير:

  1. الوضوح Clarity: يعتبر الوضوح المدخل الرئيسي لباقي المعايير فإذا لم تكن العبارة واضحة فلن نستطيع فهمها ولن نستطيع معرفة مقاصد المتكلم أو الطالب وبالتالي لن يكون بمقدورنا الحكم عليها بأي شكل من الأشكال .
  2. الصحة accuracy: ويقصد بالصحة هنا أن تكون العبارة صحيحة وموثقة وقد تكون العبارة واضحة لكنها غير موثقة أي أن المصدر التي أخذت منه العبارة غير مذكور.
  3. الدقة Precision: ويقصد بالدقة في التفكير الناقد هو استيفاء الموضوع حقه من المعالجة والتعبير عنه بلا زيادة أو نقصان.
  4. الملاءمة Relevance: ويقصد بالربط مدى العلاقة بين السؤال أو المداخلة في موضوع النقاش أو المشكلة المطروحة وحتى يتسنى التمييز بين العناصر المرتبطة بالمشكلة المطروحة وغير المرتبطة بها لا بد من تحديد المشكلة بكل دقة ووضوح.
  5. العمق Depth: تفتقر المعالجة الفكرية للمشكلة أو الموضوع في كثير من الأحوال إلى العمق المطلوب الذي يتناسب مع تعقيدات المشكلة أو تشعب الموضوع.
  6. الاتساع Breadth: أن التفكير ليس تفكيرا ضيقا وإنما يوصف بالشمول؛ لأنه يأخذ جميع جوانب المشكلة أو الموضوع
  7. المنطق Logic: من الصفات المهمة للتفكير الناقد أو الاستدلال أن يكون منطقيا، وعندما يقال إن فلانا يفكر تفكيرا منطقيا فإن صفة المنطق هي المعيار الذي يستند إليه الحكم على نوعية التفكير المنطقي وتنظيم الأفكار وتسلسلها وترابطها بطريقة تؤدي إلى معنى واضح أو نتيجة مترتبة على حجج معقولة.
  • أساليب وطرق تنمية مهارات التفكير الناقد

إن اهتمام الباحثين بمهارات هذا المفهوم انعكس على اهتمامهم بطرق تنميته، فالنجاح في تنميته يتوقف على الطرق التدريسية التي يمكن أن تسهم في إثارة تفكير الطلاب، ويذكر جابر انه ينبغي على المعلم أن يوفر أنشطة تساعد على ممارسته على النحو الآتي:

  • استخدام أسئلة مفتوحة النهاية.
  • كل نشاط يمارس يستهدف تدريب وظيفة عقلية عليا.
  • تؤكد الأنشطة على توليد الأفكار بدلا من استرجاعها.

وقد أدى اهتمام الباحثين التربويين بهذا المجال إلى إثراءه بالعديد من الطرق التي أثبتت الدراسات التربوية جدواها في هذا المجال ولقد أجريت عدة دراسات هدفت إلى اختبار فاعلية بعض طرق التدريس في تنمية التفكير الناقد وفيما يلي عرض لها :

  • طريقة المناقشة.
  • حل المشكلات.
  • الاستقصاء.
  • خرائط المفاهيم.
  • العصف الذهني.
  • الاكتشاف الموجة.
  • قياس التفكير الناقد

لقد ظهر في تاريخ التربية وعلم النفس العديد من الاختبارات أو المقاييس التي تقيس القدرة على التفكير، وأكثر هذه الاختبارات هي من أصول غريبة وتم تقنينها على تلك البيئات سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية ثم بعد ذلك قام بعض المختصين في الوطن العربي بتقنيين بعض هذه الاختبارات على البيئة العربية ويلاحظ أن هذه الاختبارات لا يصلح كلها للتطبيق في جميع المراحل الدراسية، كما يلاحظ أن هنالك تجديدا لهذه الاختبارات من قبل المختصين، ومن هذه المقاييس:

اختبار التفكير الناقد لجابر عبد الحميد جابر وأحلام الباز حسن (2008):

وقد هدفت هذا الاختبار إلى قياس مهارات التفكير الناقد لدى الفرد، ويتكون من (80) مفردة، تتمحور هذه المفردات في خمسة أبعاد رئيسة، يتضمن كل بعد منها (16) مفردة من نوع الاختبار من متعدد، وأبعاد الاختبار الخمسة تتمثل في :

  1. تقويم الحجج.
  2. الاستنتاج .
  3. الاستدلال.
  4. التعرف على المغالطات.
  5. البعد الشخصي .
  • معوقات تنمية التفكير الناقد

تقف العديد من المعوقات أمام تنمية التفكير الناقد سواء في حياتنا الفكرية بشكل عام، أو في مدارسنا وبين طلابنا بشكل خاص، ومن أهم هذه المعوقات كما وردت في تصنيف الباحثين ما يأتي :

من الصعوبات التي تواجه المعلم عند تطبيقه  وهي:

  1. عدم وجود البرامج المخصصة لتعليم التفكير والتي تكون على شكل دروس مشروحة وموضحة بالأمثلة والتمارين.
  2. قلة وجود الأدلة التي ترشد المعلم لشرح مهارات التفكير الناقد.
  3. عدم توافر الاختبارات والمقاييس الفنية والتي تتمتع بنسبة جيدة من الصدق والثبات.
  4. قلة الدافعية عند الطلاب والالتزام الجاد نحو أعمالهم التي ينبغي تنفيذها بحرية وبروح ناقدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *